أحمد مساد الذي لطالما أعجبنا نقده ودفاعه عن حقوق الإنسان من خلال السخرية قام هذه المرة بالسخرية من “فيديو كليب” لمغني اسمه رودي طرودي تحت عنوان “كلون بيكذبو” الكليب يظهر جنود الاحتلال الإسرائيلي يرقصون ويجلسون حول رودي وهو يرقص مرتدياً فستان يتمايل بشكل أنثوي مبالغ به يحاول طرح الهوية الجنسية كأحد محاور الفيديو، كلمات الأغنية تطلب من الجميع الذهاب إليه (أي إلى فلسطين المحتلة ” إسرائيل” كما يبدو)، من وجهة نظرنا الفيديو هو أحد أدوات سياسة الغسيل الوردي الإسرائيلية في تأكيد استغلالها لما يعرف بـ”حقوق المثليين” في التغطية على جرائمها وانتهاكاتها ومجازرها بحق الشعب الفلسطيني، وتصوير نفسها كدولة “تقدمية متسامحة” و”محترمة لحقوق الإنسان” ففي أحد مقاطع الأغنية يقول “نسيو حق الإنسان مفيش حد يستاهل أعيش العمر بحرمان” حتى تبدو الأغنية وكأنها دعوة للمثليين في الدول الناطقة بالعربية للهجرة إلى “إسرائيل” حتى تستخدم أجسادنا كمبرر لقتل اهلنا وترسيخ احتلالها للأرض الفلسطينية وكأن الاحتلال سيجعلنا أكثر تسامحاً!، وقلب المثليين ضد شعبهم من خلال التلميح إلى أن ذلك الشعب معادي للمثلية بطبعه وغير “متسامح” معنا على الاطلاق وهو بعكس ما نهدف إليه من خلال عملنا مع مجتمع الميم في المنطقة، مستخدمين أسلوب فرق تسد الذي ينجح فقط عند عدم التروي والحكمة في التعامل معه، لقد وقع مساد في الفخ لم ينتقد المحتوى التطبيعي للحتلال ولم يركز عليه بل انتقد انثوية رودي والذي هو بالضبط ما يريده الاحتلال منا، أليس كذلك؟

الشركة الإسرائيلية التي أخرجت وأنتجت الفيديو كليب “ايشل تكشورت” كتبت كجزء من حملة ترويجها للفيديو على صفحة الفيس بوك الخاصة بها ” بعد ان تم نشر رودي أغنيته على شبكة التواصل الاجتماعي وأحدثت ضجة في العالم العربي واصبحت الاغنية الاكثر اثارة للجدل عربياً و حصل رودي على أكثر من 30 ألف متابع على صفحته خلال 3 أيام فقط اليوم ينشر الفيديو كليب الخاص بالاغنية بشكل رسمي، ادخلوا واسمعوا وامدحوا”

هو يريد منا أن نثبت محتوى الفيديو في أننا “غير متسامحين/ات” مع المثلية، و لذلك الأغنية باللغة العربية وهذا مع الشديد الأسف ما قام به مساد في مقطعه الساخر لقد سخر من تمايل رودي و”تمايعه”، وتعرض فيديو مساد لانتقاد واسع من قبل النسويات/ين والمؤمنات/ين بالحقوق الجسدية للأفراد، فكتب مساد رد يؤكد به بأنه ليس معادي للمثلية لكنه معادي لأنثوية الرجال “المبالغ بها” معترفاً بأن أساتذته في معهد السينما كان بعضهم مثلي ومع ذلك هو يكن لهم كل الاحترام، لكن لم يتمايع أحد منهم كما تمايع رودي في الفيديو، لقد تجاهل مساد العنف الذي قام بتعزيزه في مقطعه الساخر تجاه الرجال ذوي الصوت الأنثوي(منذ الولادة) أو بأجساد غير “رجولية كفاية” مثلاً، الغريب أن مساد نفسه كما أعتقد لا يلبي معايير الرجولة المجتمعية القامعة والمتحجرة على الأقل بشعره الطويل الذي قد يعتبره المجتمع غير مناسب لمعايير الرجولة، من ثم وكأن مساد يبرر المثلية للرجال غير الأنثويين لكنه يبرر العنف تجاه الرجال الانثويين (بغذ النظر عن ميولهم الجنسي)! وهذا بحد ذاته تمجيد للذكورية الأبوية التي يريد منا الاحتلال الاحتفال بها كي يحافظ على مجتمعاتنا متخلفة تقمع أبنائها وبناتها وفق تعبيرهم الجندري، مساد هذه المرة رسخ تمجيد الرجولة على الأنوثة وكل ما ترتب عليها من سحق للنساء على مر التاريخ، نأمل أن لا يقع النقاد بفخ الدفاع عن الفيديو كليب لأن الفيديو هو أداة استعمارية أبوية لا يؤذي النساء والمثليين فحسب بل يبرر العنف تجاه شعب بأكمله بمثلييه ونسائه ورجاله وأطفاله كل يوم على يد الاحتلال، وأيضاً نأمل أن يأخذ مساد نقدنا بنظر الاعتبار ويسحب مقطعه الساخر لأنه يحقق للاحتلال أهدافه ويثري سياسات “الغسيل الوردي” بسيناريو جديد يخدم الاستعمار ويمنحه أداة جديدة لقمع الشعب الفلسطيني المناضل، وأن لا نسمح للاحتلال في الانتصار على وحدتنا وتكاتفنا في وجهه بغض النظر عن تعبيرنا الجندري، وبدلاً من نقد مساد لتعبير رودي الجندري نأمل منه أن ينقد “الغسيل الوردي” في الفيديو ذاته واستغلال معاناة الأبرياء كرودي في تبرير قتل المزيد من الأبرياء.

 

فريق عمل مجلة ماي كالي