بيروت، ١٢ تشرين الثاني ٢٠١٨

منذ أن ألغينا حفلة التعارف التي كان مُزمَعاً عقدها في ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٨، وجدنا أنفسنا في خضمّ معضلة تنظيمية. فرغم تلقّينا تأييداً واسعاً من قبل العديد من الأفراد والجماعات، شهدنا أيضاً محاولات لجرّ النقاش إلى مستويات لا يمكن القبول بها، كتشويه أسباب إلغاء الحفلة عملاً بسياسات الاستهلاك الإعلامي، أو بثّ آراء تصوّرنا كضحايا وأخرى تتّصف بالإسلاموفوبيا، ناهيك بإثارة جدل يسائل حق مجتمع الميم في الوجود والعيش بكرامة.

لذلك، نودّ التوضيح والردّ على عدد من الأسئلة المتكرّرة، آملين بأن ننتقل بالنقاش إلى حيّزٍ بنّاء بعيداً من الخطابات الإعلامية والمؤسّساتية المبتذلة التي غالباً ما توظّف النقاش لغايات خاصة بها.

بدايةً، ندين التوصيف الخاطئ والمتعمَّد للأسباب التي أدّت بنا إلى إلغاء الحفلة. فقد صوّرنا الإعلام وكأنّنا أذعنّا للأمن العام أو لرجال الدين أو لتجمّع العلماء المسلمين أو لأيّ قوى أخرى. وهذا التصوير خاطئ لأنّنا في الواقع اتّخذنا قرار إلغاء الحفلة حرصاً منا على سلامة المشاركين والمنظمين والمضيفين الذين لطالما كانت سلامتهم من أهمّ أولوياتنا. لكن، بالرغم من ذلك، قامت وسائل الإعلام بتحوير بيان النادي ووظّفته في خطاب يتعمّد الإثارة لجذب أكبر عدد من المتابعين. فشيطنت النادي بوصفه نادياً جنسياًيقيم حفلات جنسية مثليةومهرجاناً جنسياً، أو صوّرتنا كضحايا لعنفٍ قانوني وديني. وللمفارقة، فإنّنا لم نختنق تحت وطأة الاستبداد الديني كما ادّعى الإعلام، بل تحت وطأة هذا الإعلام نفسه الذي لا يكفّ عن مطاردتنا بهدف إجبارنا على الظهور الإعلامي الذي ينتهك خصوصيّتنا فيما يدّعي النطق باسمنا.

تزامن ذلك مع نشر عدد من التجمّعات والمنظّمات غير الحكومية بياناتٍ تتّصف بالانتهازية، حتّى قبل أن يتسنّى لنا نشر بيان باسمنا. كما نُشرت مقالات ذات خطاب استشراقيّ تتضمّن اقتباسات مغلوطة لم تصدر عنّا. لا نتحدّث هنا عن عدم الدقّة في التوصيف وحسب، بل عن مقولات تنشَر في الإعلام وتدعمها تلك الجهات، وهي تتعارض مع مبادئ نادي الجندر والجنسانية، وذلك لسببين على الأقلّ:

أوّلاً، لقد سبق أن واجه النادي انتقاداتٍ تستند إلى معتقدات دينية في مناسبات عدّة. ولطالما أكّدنا أننا لا نحسب هذه القضية صداماً بين الثقافات، بل نراها نتاجاً للحيثيات المادية التي تؤطر هذا الصدام. لذلك نريد أن نعالج جذور هذه الأطر ومقولاتها، فنرفض الثنائيات المغلوطة والمواجهة بين أفراد مجتمع الميم والمجتمعات الدينية. فبدلاً من مهاجمة أفراد ومعتقدات، فلنجعل هذا الموضوع فرصةً لتحدّي الاستبداد الطائفي القائم الذي يتحكّم بالحقوق وبالجسد والجنسانية والجندر ويحاول تأديبها.

ثانياً، ندين محاولة وضع النقاش في إطار يتعمّد الإثارة، ويدّعي إعطاء فرص متساويةلتمثيل الآراء الداعمة للحفلة وللنادي وتلك الرافضة لهما، وتصويرها كلها على أنها تتمتع بالشرعية ذاتها. وكأن حق مجتمع الميم في الوجود والتحرك بحرية وحق التصرف بالجسد بكرامة يعادل رهاب المثلية وخطاب الكراهية الذي يحط من قيمة أفراد مجتمع الميم ويُشَيْطنهم.

لقد صدرت آخر تلك المحاولات من الأقربين. ففي الأسبوع الماضي، نشرت أوتلوك، الجريدة الطلابية التي تموّلها الجامعة، مقالات عدّة تتّسم برهاب المثلية. وتبنّت تلك المقالات الموقف القائل بأنّ المثلية حالة جينيّة ومَرَضيّة، متحدّثةً عن علاج طبي أو نفسي للمثليّين، كما وضعت مجتمع الميم في مواجهة المجتمعات الدينية. فقمنا بمطالبة إدارة التحرير وإدارة الجامعة بوضع حدٍّ لخطاب الكراهية الواضح في المقالات، فكان الردّ بأنّ تلك المقالات تندرج ضمن مبدأ حرية الرأي. وفيما دخلنا في عملية بيروقراطية معقّدة على أمل إيجاد حلّ للمشكلة، لم يُقدِم أيٌّ من الفريقين على الاعتذار أو التأكيد على العدول عن ممارسات إعلامية غير أخلاقية كهذه. إزاء هذه القضية وقضايا أخرى تبنّى فيها فريق التحرير خطاباً جائراً، نطالب بإقالة فريق تحرير أوتلوك كاملاً لمخالفته قوانين الجامعة. كما ندعو إدارة الجامعة ومجلس تحرير أوتلوك إلى تقديم اعتذار علنيّ وإصدار بيان يساندان فيه مجتمع الميم.

بالرغم من كلّ ما سبق، يؤكّد النادي على استمرار نشاطاته بروح إيجابية وجامعة. حتى ولو ألغيت الحفلة، لا بدّ للحوار أن يستمرّ، لكن وفق شروطنا نحن. فلن نقبل بممارسات تسلّع النادي وتُخضِعه للشروط الرأسمالية للمؤسسات الإعلامية، ولن نقبل بالإثارة التي تسعى إليها شبكات إعلام طنانة تساهم في خطاب الكراهية عبر وضع الجماعات الدينية في مواجهة مع مجتمع الميم.

أخيراً، نناشدكم ونناشدكنّ، كقرّاء وقارئات لهذا البيان، احترامَ خصوصيتِنا ورؤيتِنا وسعيِنا لتنظيم أنفسنا، والوقوفَ إلى جانبنا وحضور نشاطاتنا ومشاركة بياناتنا على منصّاتكم ومنصّاتكنّ ورفض أي استغلال انتهازيّ لها. كما نطالبكم ونطالبكنّ بتأييد مطلبنا باستقالة فريق تحرير أوتلوك”. ونحن في ذلك لا نسعى إلى مزيد من لفت النظر، بل إلى العمل معاً لتحقيق أهدافنا المشتركة للحصول على الحقوق الجندرية.