English

*بقلم: مديحة كلينكس
العمل الفني: مريم مصفيوي

*اسم الكاتب/ة مستعار

في هذا المقال سنناقش الأفكار الشائعة والصور النمطية حول الأدوار الجنسية في العلاقات بين الرجال المثليين.

شو يعني توب و بوتوم؟
توب و بوتوم1 أو موجب وسالب هي بعض الكلمات المحددة للأدوار الجنسية أو “النوع” التي يعرف بها المثليين الرجال أنفسهم. التوب تعني “في القمة”هو الشخص الفاعل و/أو من يقوم بعملية الإدخال في الجنس المثلي و/أو من يستقبل الجنس الفموي، أما البوتوم وتعني “القاع” فهو الشخص المتلقي لفعل التوب و/أو من يتلقى ذلك الإدخال و/أو من يقدم الجنس الفموي.

لماذا يسأل البعض عن “النوع” خلال التعرف؟
“شو نوعك؟” هو من أوائل الأسئلة المطروحة في أغلب محادثات التعارف الجنسي بين المثليين، وعلى أساس الإجابة تتحدد أشكال الممارسات الجنسية بين الشريكين في العلاقة كما تتحدد معها أبعاد السرير الذي سيجمعهم لاحقا، ولكن هذا السؤال وإن كانت دلالاته جنسية بحتة، وإجاباته تمثل بمعناها أدوار جنسية محددة إلا أن دلالاته أعمق مما هو عليه. فالإجابة على هذا السؤال قد تدلل على صفات وجوانب يتوقعها البعض من تلك العلاقة خارج إطار الجنس بشكل يوازي السؤال عن النوع الاجتماعي2 لا عن الدور الجنسي فقط.

هل تنتهي هذه الأدوار الجنسية بعد الجنس؟
خلال ممارسة الجنس  هي أدوار جنسية، ولكن هناك بعد جندري مبطن وراء تلك الأدوار جنسية. ففي السرديات المتعارف عليها في مجتمع الميم  التوب هو الرجل الجامد والمسيطر والقوي والمسؤول والغيور، والتصقت به بعض السلوكات مثل إطلاق اللحية والاهتمام بالرياضة أو السيارات، أما البوتوم فهو الشخص الضعيف والدلوع والتابع والمسيطر عليه، والتصقت به بعض السلوكات كاستخدام المكياج أو ارتداء الملابس الملونة البراقة والاهتمام بالموضة. شكلت صفات التوب والبوتوم صوراً نمطية قد يختارها البعض ويرتاح بها وقد يجبر البعض على اختيارها.

من أين أتت الصور النمطية عن التوب والبوتوم؟
انتقلت الصور النمطية للأدوار الاجتماعية الأبوية في العلاقات الغيرية (بين رجل ومرأة) بشكل أو بأخر إلى بعض العلاقات المثلية (بين رجلين) وأصبحت مماثلة لها بهرميتها، وقسمت بناءً على الأدوار الجنسية بطريقة ربطت بين الفاعل (التوب) وصورة الرجل في العلاقات الغيرية لكونه الفاعل في الممارسة الجنسية أيضا، وربطت بين المتلقي (البوتوم) ودور المرأة لكونها المتلقية في العلاقات المغايرة أيضا. وبالتالي أصبحنا نجد التوب في العلاقة المثلية في دور قيادي وآخذ القرارات والبوتوم في دور التابع المنفذ لقرارات التوب، وقسمت المهمات بينهما نمطيا، فالتنضيف والطبخ للبوتوم وقيادة السيارة أو الصرف وتقسيم المال للتوب.

العمل الفني: مريم مصفيوي

هل الأدوار في العلاقة ثابتة؟
بكل بساطة لا هي غير ثابتة، الصفات والأدوار في العلاقة غير ثابتة لأنها بالأساس خلقت مجتمعيا وتم بنائها بسبب الثقافة السائدة وعامل الزمن كما أنها متغيرة وستبقى تتغير مع تغير الزمن. كما أنه من المستحيل أن تلتصق تلك القوالب النمطية بالأشخاص بشكل ثابت محدد للصفاتهم للأبد، فمن قد يصدق بان الرجل التوب ليس لديه حس بالموضة لأنه توب، أو أن البوتوم لن يستطيع أخذ قرار أو تحمل مسؤولية خياراته لأنه بوتوم. في نهاية اليوم كل منا سيختار ويلعب الدور المناسب له في العلاقة بغض النظر عن تلك القوالب الوهمية التي تم نقلها من العلاقات الأبوية المغايرة التي حددت في المجتمع كعلاقات معيارية وعلى الجميع إتباع نمطيتها.

هل يمكننا التحرر من هذه الأدوار؟ وكيف؟
إن الأدوار التي نلعبها داخل العلاقات ليست بالأدوار الثابتة غير المتحركة، العلاقات تأتي بطبيعة الحال متغيرة لتغير الظروف أو حتى أصحاب العلاقة أنفسهم وما يمرون به من مشاعر وأحداث. فالألوان البراقة ليست حكرا على طرف، ولا رابط بين ممارسة الرياضة والدور الجنسي في العلاقة، فما لنا إلا أن نكون أنفسنا وننظر إلى شركائنا بتساوي ونخلق لأنفسنا الوعي لإختيار الأدوار التي تناسبنا، سواء كانت أدواراً جنسية أم اجتماعية  ونتحرر من تلك القيود من دون إجبار أنفسنا أو شركائنا على اختيار أدوار أو صور نمطية قد حفرها مجتمعنا الأبوي عميقا في عقولنا حتى أصبحنا نعتقد بأننا مجبرين على اختيار دور اجتماعي أو جنسي بشكل محدد.

هل كل المثليين توب وبوتوم؟
تكلمنا في هذا المقال عن التوب والبوتوم في العلاقات المثلية، لكن بينهما نوع ثالث يسمى بـالمبادلين وهم الأشخاص الذين يعجبهم تبادل تلك الأدوار بينهم وشركائهم وللأسف حتى للمبادلين هناك صور نمطية ألصقت بهم من قبل التوب والبوتوم في المجتمع المثلي. حيث نجد القول السائد في العادة حين مخاطبتهم يحصرهم في خانة التوب أو البوتوم وتكذب ما يعرفون به أنفسهم، من الممكن أن ذلك التكذيب اتى من اهتمام الرجال المثليين بالصور النمطية المحددة لطبيعتهم لتتناسب مع ما تم انتاجه من معرفة ضمن المجتمع الذي اعتبر العلاقة المغايرة كمعيار لكل العلاقات. والحل يكمن في احترام اختيارات الناس واختيار ما يناسبهم من أدوار أو حتى عدم اختارهم لأي دور وإلا لوقعنا في فخ صنع معيارية جديدة نحاسب الناس على الاقتراب أو الابتعاد عنها.

  1. توب وبوتوم هي كلمات انجليزية بالأصل، انتشرت في خمسينات القرن الماضي لتحديد أدوار جنسية وغير جنسية للعلاقات المثلية القائمة على الاستمتاع بالسيطرة والخضوع ولعب الأدوار وبطريقة أو بأخرى انتقلت الى عالمنا العربي.
  2. النوع الاجتماعي: هو الصفات والقوالب والأدوار التي نلعبها في حياتنا بطريقة حددها المجتمع علينا وحدد من خلالها صفات الانوثة والذكورة وعلاقتها بهذه الأدوار.