‘سلمى ولميس’.. شخصيتان مستوحاتان من شخصيتي فيلم “ثيلما ولويس” الحائز على جائزة أوسكار لأفضل سيناريو أصلي عام 1992، والذي تحكي قصته عن امرأتين إحداهما نادلة والأخرى ربة منزل وزوجة لرجل متسلط، قررا الذهاب في عطلة سويًا، وفي الطريق تعرضت إحداهن لمحاولة اغتصاب، فاضطرا للدفاع عنها باستخدام سلاح ناري، لتجدا نفسهما متهمتان و مضطرتان لإثبات حالة الدفاع عن النفس للشرطة.

في هذا التصوير التعبيري تجد قصة ‘سلمى ولميس’ – شخصيتين ابتكرها الفريق الابداعي لماي كالي. فتاتان من أحد مجتمعاتنا الشرقية، اختفيتا فجأة وانقطعت بهما سبل الاتصال، فأبلغت عائلاتهما الشرطة عن تغيبهما، لتبحث الشرطة وتتحرى فتصل في النهاية إلى استنتاج بأنهما قد هربتا بإراداتهما الحرتين، لكن لم تستطع الشرطة تحديد سبب الهروب. نحن أيضًا لا نعرف سبب هروبهما على وجه التحديد، هل هما هاربتان من جريمة شرف محتملة بحقهما أو بحق أحداهما؟ هل هما هاربتان من جحيم ذكوري ما يمارسه عليهما آباء أو أزواج أو أخوة؟ أو ربما أمهات؟! هل هربا من قيود مجتمعية تضعهما في أطر ضيقة قمعية عفنة؟ أو ربما هما حبيبتان لا يستطيع المجتمع من حولهما فهم قصة حبهما فضلًا عن قبولها!. لا نعرف على وجه التحديد. لكننا نعرف أنهما قد قررتا الحرية، وقررتا استنفاذها حتى حدودها القصوى. فاستقلا سيارة ما لا نعرف من أين أتيا بها، ومثل ثيلما ولويس حملا معهما سلاح، لأن تجربة الحرية بالنسبة للنساء بالطبع خطر كبير،يستلزم دفاعًا عن النفس.

لا نعرف ما سوف تواجهنه سلمى ولميس في طريقهما إلى الحرية، لكننا نستطيع تخمينه، أنتن تستطعن تخمينه، فثمن الحرية والاستقلال للنساء في مجتمعاتنا دائمًا ما يكون ثمنًا باهظًا، تدفعه الكثيرات. سوف يتعرضن للوصم بكل تأكيد، للتحرش، لمحاولات الاغتصاب، للسرقة، أو ربما للقتل. وبالتأكيد سوف تظلا مطاردتان من الشرطة ومن عائلاتهما ومن المجتمع بأسرة. لكنهما على كل حال قد اتخذا قرارهما، وقبلا بدفع الثمن، واستعدا له جيدًا.

 

من تصوير سلمى و لميس:

شاهد بقية الصور في مقال: تفكيك أسطورة “الشرف”: من القوامة إلى الحداثة هنا
باقي التصوير سيتم نشرها مع مواضيع اخرى خلال الفترة القادمة.

 

مصادر بصرية من الفيلم “ثيلما ولويس”:

 

قصة العمل الفني لمقال ‘تساؤلات حول مفهوم الشرف’:

 “في سنة ٢٠١٧ قمت ببعض الأعمال الفنية (فنون الوسائط المختلطة) مستلهمة من ذكرياتي أيام الصيف في اليمن عندما كنت في ١٤ من عمري. أهلي قاموا بإرسالنا أنا و اخواني لرحلة استكشافية وثقافية لنتعلم عن موطننا. كانت أول مرة لي أزور فيها اليمن، إذ هاجر والدي إلى شيكاغو قبل ولادتي و ترعرعت هناك. 

قضيت معظم أيام الصيفية في جبال اليمن التي تكشف وديان شديدة الانحدار وتدرجات لا حصر لها، مكان خصب ورائع الجمال. كان مقدار الوقت الذي استطعت فيه استكشاف المنطقة محدودًا، كنت فتاة صغيرة في طور النضج. بينما كان أخواني يخرجون في رحلات غالبًا ما تركت مع عماتي للطهي والتنظيف والعناية بأبناء عمي الصغار. في أحد الأيام، دون علمي، قابلت الرجل الذي كان من المفترض أن تزوج به! عندما اقتربت نهاية الصيف، كانت عائلتي تفكر في تركي هناك، بينما عاد إخواني، حينها شطح خيالي إلى أقصى الحدود. تخيلت نفسي في حفل زفاف، كنت مرعوبة.

في البداية، شعرت بالعجز. كان الاعتراض غير وارد. أي معارضة تجاه ذلك كان ليجلب الخزي والعار لعائلتي. لم يكن هناك مأوى للنساء لطلب مساعدة. كان الجميع خاضعين لهذه التقاليد.

إلى أن وصل الأمر لذلك (زواج) ، فقد قررت أن أذهب إلى قمة الجبل بجوار منزل جدتي وأقفز. لم أفكر مطلقًا في الانتحار، ولم تكن تلك أبدا أفكاري أو الطريقة التي أفكر فيها ، لكن كون هناك خطة منحني إحساسا بالسيطرة على حياتي وجسدي. بعد سنوات، عندما شاهدت فيلم ثيلما ولويز – Thelma & Louise أخذني الفيلم إلى تلك اللحظة من حياتي. مثل الشخصيات في الفيلم، شعرت أن الانتحار هو الخيار الوحيد الذي اعطاني سلطة على قراراتي.” – ياسمين دياز