بقلم: سامي عبد الباقي
العمل الفني: هبة طارق
هذا المقال ملحق بعدد
عقدة الواوا

بهذه العبارة يبدأ فيفو مقاطعه المصورة الغنية عن التعريف ويختمها بهاشتاغ (وسم) من ابتكاره وما بين بداية المقطع ونهايته يستطرد في مثلٍ من أمثاله التي فاق عددها المئات. لا أحد يسلم من لسانه الجريء “بحدود” حسب تعبيره. اشتهر خبير المكياج والممثل فراس المعروف باسم فيفو منذ عشر سنوات تقريباً وكان من أوائل المؤثرين في بدايات مواقع التواصل الاجتماعي. منذ بدايته وإلى الآن وهو يزرع البسمة على وجوه الآلاف من النطاقين باللغة العربية الذين يترقبون مقاطعه بشكل يومي. لا يخلو الأمر من المتنمرين الكارهين لفيفو، بحجة أنه شاب يضع المكياج و”خطر”على المجتمع. فلطالما كان فيفو شخصية مثيرة للجدل.

وصلت إلى المقهى لماقبلته شخصياً ولم تخلو المقابلة من أمثاله وطاقته الإيجابية. فور وصولي يقول لي “صدّقني، رح تكون أحلى من حلقة تمام بليق” في إشارة منه إلى حلقة “بلا تشفير” على قناة الجديد. الحلقة التي جذبت ملايين المشاهدات على يوتيوب والتي قسمت المشاهدين بين التعاطف والانتقاد. تمام بليق معروف بأسئلته وأساليبه الاستفزازية مهما كان ضيفه، وفي حلقته مع فيفو استفزه بسؤاله عن أفراد عائلته. فبدأنا المقابلة بهذا الحديث.

أحد أهداف مجلة ماي كالي هو تحميل وسائل الإعلام المسؤولية عن أي تعميم أو سوء معاملة أو أساليب غير مهنية مستخدمة تجاه المجتمع الكويري. في عام 2016، أجريت مقابلة في برنامج “بلا تشفير” على قناة الجديد مع تمام بليق. مضيف البرنامج يستخدم منصته غالباً لاستفزاز ضيوفه ليشهر البرنامج. كيف كانت تلك التجربة بالنسبة لك؟
لا أندم على هذه التجربة رغم أن ظروفي كانت بشعة وقتها، كانت أمي قد توفت قبلها بشهرين. نصحوني أصدقائي بعدم الذهاب إلى البرنامج، لكنني قلت لهم أنني سأجريها. 
برنامج بلا تشفير مع تمام يسلّط الضوء على فضائح كثيرة وظن المشاهدون أنه سيفحضني بشيء ما لأن تمام يكشف المستور.
اللهم لك الحمد، لم أخف. صوّرت الحلقة وعدت إلى نيويورك. بالعكس، عرّفت الناس على شخصيتي أكثر ودعمونني لأني كنت على طبيعتي ومن كان يكرهني أحبني بعد الحلقة. استطعت أن أقلب الموازين بـ180 درجة.

هل كنت تعلم أن المقابلة ستأخذ هذا الاتجاه العدواني؟ هل كانوا القائمين على البرنامج صريحين معك؟
كانت الأسئلة قاسية. بطبعي أحب أن أكون على عفويتي وإن علمت بالأسئلة في أي مقابلة أتلبك بالإجابة. طقلت لهم قبل التصوير أن أهلي خط أحمر وطلبت ألا يتم ذكرهم لأن لا علاقة لهم بمواقع التواصل الاجتماعية. ومع هذا، سألني عنهم ولكن أجبت على كل شيء. 

الشعب اللبناني بات مهدور حقه بسبب حكومته وسياسته الوسخة. آخر زيارة لي إلى لبنان كانت منذ سنتين، أشتاق إلى زيارة قبر أمي وأبي. حين تتدهور حالتي النفسية أزورهم وأتحدث إليهم وأبكي وأشعر أنهم يسمعونني.

فيفو

لقد أتيت إلى الأردن في عام 2016، ومن المؤكد أنها كانت تجربة مثيرة للاهتمام بالنظر إلى تداعيات تلك الزيارة. لقد التقيت بشخصية مواقع التواصل الاجتماعي زين كرزون ودعتك لتناول الغداء معها ومع عائلتها وانتهى الأمر بإثارة ضجة وطنية في الأردن. لماذا تعتقد ذلك؟

أعتز بهذه الزيارة رغم أنها أثارت جدلاً كبيراً إلى درجة أن عبارة “فيفو الأردن” وصلت إلى صفحة تريندغ على التويتر.
سأكرّر كلامي للمرة المليون، لم أرى المحبة التي لمستها في الأردن بأي بلد آخر. ربما هذا كان السبب، المحبة الكبيرة أغاظت المتطفلين وجوعانين الشهرة كما أسمّيهم وأخذوني كمادة دسمة وشتموني لكنهم أقلية. 
حاولوا أن يفبركوا المقاطع لتبدو وكأنني أسيء للشعب الأردني. هل يمكنك أن تتخيل أنني غبي لدرجة أن أذم شعباً كرمني ودللني؟ كنت أذم صراصير السوشال ميديا والكلاب النباحة مع احترامي للكلاب. استعجبوا أن شارع عبدون أغلقته زحمة السير بسببي وقالوا “من هو فيفو؟” اللهم لك الحمد يا أخي هذه المحبة لا يمكنك شرائها. ناس مريضة. سببت لهم أزمة وكأنني قد كفرت إن تناولت المنسف الأردني. ممنوع علي أن آكل المنسف؟ منزل بالقرآن؟ شعب الأردن معروف بالكرم والضيافة. يستقبلوك دون أن يسألوك من أنت ومن أين أتيت.

حسناً، لنعد إلى البداية. كيف تصف طفولتك؟
ولدت ببيروت وكما يقولون آخر العنقود سكر معقود لأنني الأصغر بين إخوتي. كنت المدلل في عائلتي وكانت طفولتي جميلة جداً.

لماذا اخترت المكياج؟
أعشق المكياج من صغري والألوان تعطيني سعادة. غرامي. أصحابي أطلقوا علي اسم مهرجان العيد بسبب مكياجي وملابسي “الهشّك بشّك”.
كنت طباخاً قبلها وكانت انطلاقتي بين لبنان والكويت. وعندما سافرت إلى أميركا، كانت نقلة صعبة وبدأت من الصفر. من الصعب أن تنتقل إلى بلد شعبه وتقاليده ولغته مختلفة ولكن شعاري بالحياة هو “دائما هناك متسع من الوقت”. والحمدلله استطعت بسنوات قليلة أن أوصل كلمة ميكاب باي فيفو إلى مكان حلو.

لماذا اخترت أميركا؟
لم أخترها، أتت الفرصة من نفسها.  لكنني فخور بالأخص بعد كل ما يحصل في لبنان أنني حملت الجنسية الأميركية التي ساعدتني كثيراً وفتحت أبواباً كثيرة أمامي. الحامي الله ولكن على الأقل عندي سفارة في أي بلد. إذا لا سمح الله وقعت بأي مصيبة لدي سفارة تطالب بي أما لو ما زلت أحمل الجواز اللبناني، على الدنيا السلام! لا يتم بمطالبة اللبنانين في بلدهم أصلاً، فكيف لو كنت خارج البلد؟
الشعب اللبناني بات مهدور حقه بسبب حكومته وسياسته الوسخة. آخر زيارة لي إلى لبنان كانت منذ سنتين، أشتاق إلى زيارة قبر أمي وأبي. حين تتدهور حالتي النفسية أزورهم وأتحدث إليهم وأبكي وأشعر أنهم يسمعونني. ما زلت أحدثهم قبل نومي.

مع شهرة الإنترنت، يأتي الكثير من الكراهية عبر الإنترنت. لدينا تجربة مع ذلك عن قرب كون أن مجلتنا تم حظرها في وطننا الأم. كيف تتعامل مع المتنمرون عبر الإنترنت؟ 
كانوا يأخذون مني الكثير ويشعرونني بطاقة سلبية. كنت أعطيهم جل اهتمامي وأرد عليهم في التعليقات وربما أخطأت بهذا. 
ثم فكرت، لماذا اهتم لهم ولا أنظر إلى محبيني؟ أنا شخصية مجنونة وأنقل طاقة إيجابية. يرونني الناس كمصدر سعادة وهذه نعمة من الرب. إذا أنت “نكد” وقلبك أسود لن تحبني. إن لم تحب نفسك، كيف ستحب العالم من حولك؟

كيف تغيرت نظرتك تجاههم منذ أن بدأت رحلتك؟
“يقبروني” لا أستطيع أن أعيش من دونهم الآن. وعندما يختفون أيقظهم كل فترة. يئسوا من ولا يفهموني بعد. أنا لا أفهم نفسي أصلاً. ضاعوا معي.

لقد دخلت إلى منازل العديد من الأنواع المختلفة من العائلات العربية. هل تظن أن العالم العربي أصبح اليوم أكثر تقبلاً للاختلاف؟
عليهم أن يتقبلوني. بالنهاية أنا لست ممثل إباحي. هذا أنا وهذه شخصيتي.
ولكن أجل، الشعوب العربية تتطور وتخرج من تلك الزاوية. ولكن لا أقلل من احترام أي أحد لأن علي مسؤولية كبيرة، لدي شريحة من المتابعين من أعمار صغيرة. لدي معجبين في عمر السبع سنوات يروني ويقولون “هاي هاي 3 هاي اي لوف يو فيفو”. ليس من السهل أن أصل إلى محبة الأطفال. الطفل ملاك لا يفهم بالشهرة ويحبني لشخصي لا لشهرتي.

في العام الماضي قمت بتصوير فيديو تكريم/تعليمي عن الماكياج حول مكياج صباح بعنوان “ديفاز، من أم كلثوم إلى داليدا”. لم اخترت صباح وما هي الإطلالة التي اخترتها (مع الأخذ بعين الاعتبار مسيرة صباح المتنوعة والطويلة)؟
أحبها، صباح إنسانة تعطيني إيجابية وسعادة. أشاهد مقابلاتها إلى الآن وتعطيني كتلة سعادة، وبما أنني عرفت بهذه الطاقة الإيجابية اخترت شخصية فرحة، الكبار والصغار يحبونها. لم يكن اختياري خاطئ. ارتديت عباية شبيهة بما كانت تلبس، وظهرت على أغنية أمورتي الحلوة التي أحبها كثيرأ.

العمل الفني: هبة طارق

من هي المغنية العربية/الديفا المفضلة لديك؟
لا أستيطع اختيار واحدة فقط. الشحرورة صباح، وردة، ميادة الحناوي. ميادة هي قيمة فنية وسعدت أن أمنية من أمنياتي تحققت حين أتت إلى دبي وتم اختياري للعمل على ميكاجها. كانت لحظة كبيرة بالنسبة لي. إنسانة ولا أطيب من هيك. أقسم بالله قمة الطيبة. أنا للوهلة الأولى كنت أرجف ولم أصدق وكأنها أول مرة أمسك بها ريشة مكياج. خاصة أنني كبرت على أغانيها، كانت الوالدة الله يرحمها تحب أن تسمع لميادة ولوردة لكن لم أتخيل يوماً أن ألتقي بها أو أعمل معها.

أخبرنا عن الأمثال وكيف استطعت نقلها إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت باباً لأعبره وأدخل أي بيت من البيوت من خلال 15 ثانية (كانت تلك الفترة المحددة لمقاطع الانستغرام قديماً). وإجمالاً أي مثل أقوله بشكل عام ليس لشخص معين وأوصله بطريقة مضحكة. مناسبة عيد الحب هي ملعبي للقصف.

دعنا نتحدث عن موضوعنا المفضل، النساء! معظم الأمثال هي من منظور المرأة. هل تعتقد أنه من الأسهل على النساء العربيات التحدث عن تجاربهن الشخصية باستخدام تلك القصص الشعبية/الأمثال؟ لماذا برأيك؟
بالطبع، هي طريقة تعبير للنساء. لقد اعتدنا إجمالاً أن الرجل يستطيع فعل ما يحلو والنساء دائماً تُضطهد. “ضربك كف؟ ضربيه كفين! لا تسكتي، معك حق خذيه.” أطلقوا علي متابعيني لقب نصير النساء.

ما هو مثلك المفضل؟
أكثر من تسعمئة مثل، لا أتذكرهم.

يدفع نجوم تيك توك وانستغرام في مصر ثمناً باهظاً لمجرد كونهم مؤثرين ولديهم الكثير من متابعين، خاصة على النساء الشابات. ومطاردة وقتل النساء الناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي في العراق. بالنظر إلى مجتمعاتنا، أين ترى نفسك في كل هذا؟
صحيح. علي أن أكون حذراً بما أنشر لكي أنام قرير العين. الشهرة سببت لي اكتئاباً. كنت أبكي لليالي بسبب الكم الهائل من الهجوم والشتائم. أنا لم أكفر إذا وضعت مكياج على وجهي. خسرت حياتي الشخصية ووأصبحت حياتي تحت الأضواء. الخطأ ممنوع. سأحاسب على أي مقطع فيديو لي، وقد أحاسب قانونياً. بالأخص حين أقيم بأي دولة عربية، عندما أكون في أميركا، آخر همي. لا أخاف ولكن تحت الرقابة الشديدة لا شيء مضمون. لسانك حصانك. عالم التواصل الافتراضي حلو ولكن وسخ. بيني وبين الغلط شعرة. قد يسيء فهمي أحدهم وتضيع الطاسة.

ما هي بعض التعليقات الأكثر شيوعاً التي تتلقاها على المحتوى الخاص بك؟ هل تحولت المحادثة ببطء إلى جمهور أكثر تقبلاً أم أنها دائماً ما كانت على حالها؟
الكثير من التعليقات الجارحة بسبب مظهري. منذ بضعة أيام، تلقيت تعليقاً من أحدهم وهو يشتم أمي في قبرها. بلوك. وللأسف كان مسلماً، هل هذا هو الإسلام؟ لا. إذا أردتم هدايتي بهذه الطريقة وبالشتائم، عليكم الهداية ومبروك عليكم. حين بدأت، كانت أغلبية التعليقات سلبية ومع الوقت يئسوا مني وكبرت دائرة الداعمين.

هل تتمنى لو أنك لم تنشهر؟
أحياناً. أريد أن أمشي بالشارع حافي القدمين مثلاً دون أن أهتم. لكن الحرص واجب وعندي خطوط حمراء لا أتخطاها. لكن من خلال الشهرة لامست قلوب الكثيرين. قررت مرة أن أترك السوشال ميديا، ولكن المحبين شجعوني ألا أترك لأنني فعلاً من أوائل المؤثرين. أعطي المتابعين معنويات عالية ربما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أذكر مرة كنت على تواصل مع سيدة مصابة بمرض السرطان قالت لي أن جميع المرضى في طابق المشفى ينتظرون أمثالي وأنني الوحيد الذي يواسيهم في مرضهم. قرأت رسالتها وبدأت بالبكاء. أنا بشر بالنهاية، كم أستطيع أن أستحمل قبل أن أنهار؟ عندما أتلقى طاقة سلبية، لا أستطيع أن أعطي طاقة إيجابية للمتابعين. 

وصلنا إلى ختام المقابلة، هل تريد أن تضيف شيئاً؟
عادي، يمكننا أن نكمل. أنا بلدوزر.